جريدة أخبار الخليج
العدد : ١٤٨٧٠ - الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٨ م، الموافق ٠٢ ربيع الآخر ١٤٤٠هـ
بسبب ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن بعض السلع..
75% من المستهلكين غيروا سلوكهم الاستهلاكي
أكد 75% من قراء «أخبار الخليج» أنهم اضطروا إلى
تغيير عاداتهم الشرائية في الآونة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار السلع ورفع الدعم عن
بعض السلع في المملكة.
وتساءل استطلاع للرأي أعدته أخبار الخليج في موقعها الإلكتروني ومواقع التواصل
الاجتماعي حول (هل تغيرت عاداتك الشرائية اليومية مع ارتفاع الأسعار وفرض بعض
الضرائب أو رفع الدعم عن بعض السلع).
وشارك في الاستطلاع 968 قارئا. أجاب 728 منهم بالتأكيد على تغيير عاداتهم الشرائية،
وهو ما يعادل 75% من المشاركين. فيما أشار 240 (25% من المشاركين) بأنه لم يطرأ أي
تغير ملموس على عاداتهم الشرائية أو أولوياتهم فيما يتعلق بالسلع التي يشرونها.
وفي تعليقات إضافية على هامش الاستطلاع، أشار بعض المواطنين إلى أنهم بدأوا في
الاستغناء عن بعض السلع التي لم تكن تمثل أولوية بالنسبة إليهم، فيما أكد اخرون ان
التغير في العادات الشرائية امتد إلى الأولويات من حيث الكم والكيف.
هذه النتائج تطرح الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الأسعار والعادات
الشرائية لدى المستهلك، وما إذا كانت هذه الانعكاسات تتركز في فئات من دون أخرى من
المستهلكين. إلى جانب: ما طبيعة السلع التي تتأثر بشكل أكبر من غيرها نتيجة هذا
التغير في السلوكيات الشرائية؟ ثم هل نتوقع مزيدا من التغير في بوصلة السلوك
الاستهلاكي لدى المواطنين وخاصة مع اقتراب تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
نتائج الاستطلاع وتساؤلاتنا هذه طرحناها على الاقتصادي منذر فيصل الذي يمهد لحديثه
بالإشارة إلى ان موضوع الضرائب الذي يدور حوله حاليا الكثير من الحديث والقلق، امر
لا يقتصر على البحرين وانما يشمل اغلب دول العالم، حيث انه نظام متعارف عليه
والحكومات تعتمد على الضرائب كمصدر دخل رئيسي. ففي بريطانيا مثلا، تم تطبيق ضريبة
القيمة المضافة عام 1973. وفي 2016 بلغ دخل الحكومة من هذه الضريبة 120 بليون جنيه
إسترليني. وبالتالي فإن وجود مثل هذا الدخل لأي حكومة يساعد في نزول الدين العام،
وتحقيق التوازن الاقتصادي، إلى جانب تشكيل دخل جديد.
ويضيف الاقتصادي منذر فيصل: ربما لأن فرض هذه الضرائب أو رفع الدعم عن بعض السلع
والخدمات يعتبر امرا جديدا نوعا ما في البحرين، فإنه من الطبيعي ان يسبب بعض القلق
لدى المواطنين بل ويكون له انعكاسات حتى على السلوك الاستهلاكي، لأن الصورة مازالت
غير مكتملة أو واضحة، ولا يعرف المواطن ما الذي له وما الذي عليه. أضف إلى ذلك ان
الأمر جاء في وقت تواجه فيه الاقتصادات تحديات كبيرة. لذلك ربما لو لم تكن هذه
التحديات موجودة لما وجدنا كل هذ القلق أو التغير.
علاقة طردية
{ هل يعني ذلك ان هناك علاقة طردية بين تغير الأسعار والعادات الشرائية بما فيها
السلع الرئيسية؟
} هذا امر طبيعي، فمثلا في السابق وقبل رفع الدعم أو فرض الضرائب كان المستهلك
يأخذ سلعا محددة وبكلفة محددة، وعندما تغير الوضع فإن ذلك ينعكس بشكل مباشر على
سلوكياته ويضطر إلى إعادة حساباته بشكل جذري، بحيث يبدأ بالتركيز بشكل أكبر على
السلع الأساسية التي لا خيار اخر امامه بشأنها مثل المواد الغذائية والبنزين. فهذه
السلع قد لا تشهد تغيرا كبيرا. في حين ان التغير الجذري سيكون أكبر في سلع أخرى مثل
الملابس والكماليات. ولكن بشكل عام لا يمكن تحديد طبيعة السلع التي تأثرت أو تتأثر
الا من خلال دراسة تفصيلية.
{ إجمالا، هل يتركز تغير السلوكيات الاستهلاكية على فئات من المستهلكين بشكل أكبر
من غيرها أم ان الانعكاسات تكون عامة وتشمل الجميع؟ وهل يشمل ذلك تغير الأولويات؟
} ذوو الدخل المحدود سيكونون أكبر المتأثرين برفع الأسعار أو الدعم أو فرض ضريبة
معينة. ويشمل ذلك ذوي الدخل المتوسط أيضا وان لم يكن بنفس القوة أو نفس نوعية السلع.
وهذا يشمل تغير الأولويات عند الجميع باختلاف فئاتهم. وقد لا يكون التغير واضحا في
المدى القصير، لكنه إذا استمر ارتفاع الأسعار خاصة مع الضرائب مع بقاء الدخل ثابتا
فإن معدل الدخل سيتآكل ويؤثر ذلك بشكل تدريجي على الأولويات على السلوكيات بأشكال
مختلفة.
فمثلا، في حين تتغير عادات المستهلك من ذوي الدخل المحدود تجاه السلع الأساسية
ويبدأ بالبحث عن سلع اقل كلفة حتى لو كانت اقل جودة، فإن التغير قد يكون مختلفا عند
ذوي الدخل المتوسط، ويضطر المستهلك كما اشرت إلى إعادة حساباته مرة أخرى. فمن كان
يخطط لشراء عقار أو مشروع صغير، قد يعيد حساباته ويركز على الأساسيات بشكل أكبر.
علما بان التوجه إلى شراء سلع اقل كلفة أو جودة هو بحد ذاته تغير في العادات
الشرائية ولكن بشكل اخر. فمثلا من كان يشتري هاتفا نقالا بسعر معين، قد تتغير
توجهاته ويشتري بسعر أو مواصفات اقل لأنه سيضطر إلى توجيه فرق السعر إلى السلع
الأساسية. وهذا ما يبرز أهمية ان يكون هناك توجه لضخ كميات كبيرة وأسعار معقولة من
مختلف السلع في الأسواق بما يوفر تنوعا في الخيارات امام المستهلكين بمختلف فئاتهم.
لأن الخوف هو ان تغير هذه العادات والسلوكيات الاستهلاكية ومن دون وجود توازن قد
يخلق أو يعمق من الفجوة بين المؤسسات الصغيرة والكبيرة، التاجر الصغير والكبير،
المستهلك من ذوي الدخل المحدود وذوي الدخل المتوسط أو العالي.
رقابة ومحاسبة
ويتابع الاقتصادي منذر فيصل: نحن لسنا ضد تطبيق نظام الضرائب أو رفع الدعم عن بعض
السلع لأن ذلك يخدم الاقتصاد الوطني ويمثل مصدر دخل مهم للحكومة. ولكن لا بد من
التركيز على جانبين مهمين، الأول يتمثل في ضرورة وجود جهة أو هيئة تنظم العملية
وتحقق نوعا من التوازن بين فئات الدخل بحيث لا يكون ذوو الدخل المحدود هم أكبر
المتأثرين.
والجانب الاخر هو وجود رقابة ومحاسبة وتحديد للنسب والاسعار المختلفة حتى لا يتضرر
المواطن على المدى البعيد.
ففي بريطانيا ثلا، تتبع الهيئة المعنية بالضرائب وزارة المالية. والى جانب
مسؤوليتها بجمع الضرائب من الافراد والمؤسسات، فإنها تتحمل مسؤوليات أخرى مهمة منها
المراقبة والمحاسبة. فهذه الأموال التي تجمع يتم تحويلها لصالح الاقتصاد الوطني ومن
ثم لصالح المواطنين من خلال الارتقاء بالخدمات المقدمة وتطوير البنية التحتية.
وبنفس الوقت تتابع الهيئة جودة السلع واسعارها، بل حتى المواقف العامة التي تفرض
عليها ضرائب، تكون هناك متابعة على جودتها وتوافر الامن والنظام والنظافة فيها.
ثقافة مجتمع
{ أحيانا نشهد ارتفاعا في الأسعار في مناسبات محددة كشهر رمضان أو الأعياد، ولكن
لا يؤثر ذلك على العادات الشرائية، بل على العكس نشهد ارتفاعا في الاستهلاكية.
لماذا نشهد الان مثل هذا التغير؟
} هذا امر مختلف لأننا نتحدث هنا عن عادات وسلوكيات مجتمع. ففي هذه المناسبات
التي ذكرتها يزيد الاستهلاك بغض النظر عن الاسعاد أو الدخل لأن الامر يرتبط بثقافة
مجتمعية ترسخت عبر سنوات أو أجيال. بل ان البعض يعتبر ذلك مسؤولية ويشعر بأنه مقصر
إذا لم يقم بمضاعفة الاستهلاك والشراء في تلك المناسبات التي تعتبر حالة مؤقتة.
ولكن عندما نتحدث عن ارتفاع الأسعار وفرض ضرائب، فإن الامر مختلف لأنه امر يتعلق
بالمدى الطويل ويتطلب إعادة حسابات جذرية للدخل وللحاجات.
{ وجود بعض الدعم مثل علاوة الغلاء وبدل اللحوم، لا يمكن ان يحقق نوعا من التوازن
بين تغير الأسعار واستقرار العادات الشرائية؟
} نوعا ما نعم، ولكن يجب الإشارة هنا إلى ان الدعم كان موجودا قبل رفع الدعم أو
فرض الضريبة. وبالتالي كان لدى المستهلك نمط استهلاكي متناسب مع تلك العلاوة وتلك
الأسعار. اما مع رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات وفرض ضريبة جديدة وارتفاع الأسعار
بشكل عام، فإننا إذا أردنا تحقيق نوع من الاستقرار لدى العادات الشرائية فإن ذلك
يتطلب إعادة النظر في علاوة الغلاء نفسها.
{ بشكل عام، كيف تقيم الثقافة الاستهلاكية لدينا في البحرين.؟ هل هناك حاجة مثلا
إلى برامج توعوية أكبر لتوجيه هذه الثقافة بما يتوافق والظروف الحالية؟
** نعم.. من الضرورة بمكان وجود هذا النوع من التوعية لأننا نتحدث عن ثقافة مجتمع
ونمط استهلاكي قد يكون ممتدا إلى سنوات عديدة. وبالتالي لا بد من وجود وعي كاف
للتوافق مع الظروف الجديدة. ومن ذلك مثلا نجد البعض يشتري ليس وفقا لحاجاته وانما
لرغباته. لذلك نجد البعض يشتري سيارة فارهة ثم لا يمتلك قيمة البنزين!. أو نجد
افرادا يغيرون هواتفهم النقالة بين فترة وأخرى. لذلك نحن بحاجة إلى ثقافة مجتمعية
وتوعية تقوم بها جهات عدة منها هيئة الضرائب وغرفة التجارة ومؤسسات المجتمع المدني
ووسائل الاعلام والمختصين. أضف إلى ذلك ضرورة توفير خدمة الاستشارات المجانية
للأفراد وكذلك التجار كأن يكون هناك مكتب مصغر في كل منطقة يقدم استشارات ونصائح في
هذا الجانب. وهذا ما يسهل حتى من دور المراقبة والمحاسبة ويخفف العبء على الوزارات
والجهات الرسمية المعنية.
{ نتائج الاستطلاع اشارت إلى ان 75% من المستهلكين غيروا عاداتهم الشرائية. هل
نتوقع ارتفاع هذه النسبة مستقبلا؟!
} هذا ممكن، فالمواطن سيلاحظ تدريجيا الفرق بين الدخل والمصاريف، وإذا لم يتغير
الدخل واستمرت الأسعار بالارتفاع فإن المستهلك سيضطر إلى إعادة حساباته لتحقيق
التوازن.
الدستور وفقا لأخر تعديل -
دستور مملكة البحرين
قانون رقم (40) لسنة 2017 بشأن الضريبة الانتقائية
مرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2018 بإصدار قانون ضريبة القيمة
المضافة
قرار وزارة
المالية رقم (17) لسنة 2017 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم (40) لسنة 2017
بشأن الضريبة الانتقائية
«القيمة
المضافة».. بين دعم الاقتصاد وقلق المستهلك