صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4555 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى
الأولى 1436هـ
اختلاف تفسير «الاتفاقية 111» يعلِّق «تفضيل البحريني في التوظيف» بين أروقة الشورى
والنواب
«الشورى» تسلّمَ القانون من «النواب» مجدداً... فهل يجد جديد؟
الوسط - محمود الجزيري
علَّق اختلاف تفسير مجلسي الشورى والنواب لنصوص اتفاقية العمل الدولية رقم (111)
الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة، إقرار تشريع يقضي بتفضيل البحريني على
نظيره الأجنبي في التوظيف عند تساوي الكفاءة، والبدء بتسريح الأجنبي في حالة
الإغلاق الجزئي للمنشأة بين أروقة المجلسين.
حدث ذلك عندما أقر مجلس النواب مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العمل بالقطاع
الأهلي وأحاله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، قبل أن يرفض الأخير قرار النواب
والمشروع معاً ويعيده للمجلس المنتخب مجدداً للتعديل.
لكن المسألة لم تنتهِ هنا، بل لعلها للتو بدأت، حيث تمسك النواب في جلستهم الأخيرة
بصواب قرارهم ورفضوا توصية الشوريين الرافضة للمشروع، ما يعني أن السبحة ستكر
مجدداً، وسيعاد مشروع القانون إلى طاولة خدمات الشورى من جديد.
وللإيضاح فإن مشروع القانون يشمل ثلاث مواد هي:
المادة الأولى: على صاحب العمل في غير حالة الإغلاق الكلي مراعاة إنهاء عقد العامل
الأجنبي قبل العامل البحريني في حالة تساويهما في الخبرة والكفاءة.
المادة الثانية: أن يراعي صاحب العمل إعطاء الأفضلية للعامل البحريني على الأجنبي
عند الاستخدام (التوظيف) متى كان صالحاً للعمل، فيما أتت المادة الثالثة تنفيذية.
هاتان المادتان لم تجدا قبولاً عند لجنة الخدمات بمجلس الشورى والتي سبَّبت رفضها
للمشروع بناء على أمرين أساسيين: الأول أنه تشريع يمس السلطة التقديرية لصاحب العمل
في تنظيم عمله، واختيار من يحتاجه ممن هو أولى بالاستغناء عنه تبعاً لتقديره لمصلحة
مؤسسته الخاصة، والثاني هو أن النص على تفضيل البحريني عمن سواه من الأجانب مخالفٌ
لبنود اتفاقية العمل الدولية رقم 111 الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة
والتي وقعت عليها البحرين في بداية الألفية الجديدة.
وفيما يتعلق بالتسبيب الثاني، فالحقيقة أن مدار خلاف النواب والشوريين يأتي تحديداً
على البند ألف من المادة الأولى بالاتفاقية والتي تنص على أن كلمة تمييز تشمل «أي
ميز أو استثناء أو تفضيل يتم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي
أو الأصل الوطني أو المنشأ الاجتماعي، ويسفر عن إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص
أو في المعاملة على صعيد الاستخدام أو المهنة».
مجلس الشورى الذي صف في فهمه لهذا البند إلى جانب الحكومة وغرفة تجارة وصناعة
البحرين، قال إن عبارة «الأصل الوطني» الذي نصت عليه الاتفاقية، يعني بالضرورة
إلغاء امتياز أولوية المواطنين في التوظيف، ومساواتهم في صف الأجانب باعتبار أن أي
تشريع يقضي بتميز البحريني عن غيره سواء في التوظيف أو الفصل ينتهك بنود الاتفاقية
ويخالف مضامينها. وعلى هذا الأساس جاءت ردود الجهات الثلاث (الحكومة، الغرفة، خدمات
الشورى) منسجمة في هذا الإطار.
إلا أن هذا الفهم لم يرق لأعضاء مجلس النواب، الذين رأوا في التمسك بتشريع يعطي
الأولوية للمواطن في التوظيف ويراعيه على الأجنبي عند الفصل «أمرٌ لا يتعارض مع
الاتفاقية»، والتي قالوا: «إنها تعطي لكل دولة الحق في تنظيم أمورها الداخلية».
وينص البند (2) من المادة خمسة من الاتفاقية على أنه «لكل عضو، بعد التشاور مع
المنظمات التمثيلية لأصحاب العمل وللعمال، أن يعتبر أن أية تدابير خاصة أخرى ليست
تمييزية إذا كان هدفها مراعاة المتطلبات الخاصة بأشخاص يعتبرون عموماً، بسبب جنسهم
أو سنهم أو عجزهم أو مسؤولياتهم العائلية أو وضعهم الاجتماعي أو الثقافي أو ما إلى
ذلك، في حاجة إلى حماية أو مساعدة خاصة».
هذا في السياق العام. أما في السياق الخاص فقد وجد «النواب» تفسيراً آخر لعبارة
«الأصل الوطني» الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية، غير ذاك الذي تمسكت به
«الحكومة والغرفة والشورى»، وهو أن الأصل الوطني الذي تعنيه الاتفاقية لا يدور بين
مواطن البلد والأجنبي من غير المواطنين. إنما يدور بين مواطن ومواطن آخر من البلد
نفسه، لكن الأول تجنس بطريقة أصلية والآخر اكتسب جنسيته لاحقاً وفقاً للقوانين
الخاصة بكل دولة في عملية تنظيم منح الجنسيات، وبالتالي فإن الاتفاقية تحظر التمييز
بين هاتين الحالتين - وهو الرأي الذي ذهب إليه عضو مجلس النواب محمد ميلاد -، ولا
تقصد بالتمييز عدم تفضيل المواطن على الأجنبي في أيٍ من الدول.
إن جدالاً كهذا سيكون من المحتم على كل من أعضاء مجلسي الشورى والنواب خوضه قبل
خروج مشروع القانون بصيغته النهائية من قبتي التشريع، لكنه لا يبدو أنه سيكون
الجدال الأخير، ذلك أن إطلاق عبارة «التساوي في الكفاءة» - التي نص عليها مشروع
القانون -، في الهواء من دون إيضاح متفق عليه، ستكون هي الأخرى بوابة واسعة
لاستفهامات جمة، عن معيار الكفاءة المعني، ومن يملك سلطة التمييز بين الكفؤين؟، ومن
سيقيم تقدير هذه السلطة؟، وإلى من يلجأ من شكا عدم إنصافٍ في تقييم كفاءته؟...
أسئلة تحتاج إلى إجابة.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
القانون وفقاً لآخر تعديل- قانون رقم (36) لسنة 2012 بإصدار
قانون العمل في القطاع الأهلي
القانون وفقًا لأخر تعديل - قانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن
تنظيم سوق العمل
المرسوم وفقًا لأخر تعديل مرسوم رقم (28) لسنة 2005 بتنظيم
وزارة العمل
مرسوم رقم (11) لسنة 2000 بالتصديق على اتفاقية العمل الدولية رقم (111) لسنة 1958
الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة