الوسط - الخميس 15 مايو 2008
-العدد 2078
البرلمان
خالف الدستور بإدانة بن رجب خلافاً لحكم اللجنة بالبراءة
الوسط
- حيدر محمد
اعتبر المحامي والمحكم الدولي المختص بالقانون الدولي الخاص محمد رضا بوحسين ان قرار
مجلس النواب في جلسته الاخيرة بادانة وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب خلافاً
لحكم لجنة الشئون المالية والاقتصادية ببراءة الوزير من التهم المنسوبة اليه في الاستجواب
«يعد مخالفة صريحة للدستور ولاحكام اللائحة الداخلية لمجلس النواب».
ودعا بوحسين البرلمان والحكومة الى العمل سريعا على نقض أي اثر يترتب على القرار المخالف
للدستور الذي اتخذه المجلس تفاديا للآثار الدستورية والسياسية ولتجنيب البحرين ازمة
جديدة.
واوضح بوحسين في قراءة قانونية لما انتهى اليه مجلس النواب «ان الاستجواب كوسيلة من
وسائل المساءلة السياسية قد نصت عليه المادة (95) من الدستور في صياغة عامة ممهلة.
وقد عنيت اللائحة الداخلية بتنظيمها لشكل مفضل ودقيق اجرائيا وزمنيا نصوص خاصة بمافيها
نص المادة (149) من اللائحة».
وأكد بو حسين أن القاعدة في التفسير القانوني تؤكد أن الخاص يقيد العام، ومن ثم فلا
وجه لمخالفة نص المادة (149) وهو نص خاص في شأن أعمال اللجان في موضوع الاستجواب عملا
بالقاعدة المذكورة أعلاه وهو أن الخاص يقيد العام ومن ثم فلا مجال للاجتهاد امام صراحة
نص المادة (149) خصوص آلية حسم الاستجواب.
وقال بوحسين :»وحيث ان المادة (149) قد افصحت على نحو صريح أنه في حالة إنهاء تقرير
اللجنة إلى إدانة من وجه إليه الاستجواب فأنه يستلزم مناقشة من قبل المجلس قبل التصديق
على قرار اللجنة وفقاً للآلية والطريقة المنصوص عليها في المادة ذاتها».
وتابع ان تشديد المشرع على ضرورة مناقشة المجلس لقرار اللجنة في حالة الاوانه وفقا
للإلية التي حددتها حصراً المادة (149) انما يأتي لخطورة موقف الادانة وعواقبها السياسية
والقانونية بما يستلزم ضرورة خضوع قرار اللجنة بالادانة إلى سلطان رقابه المجلس لضمان
تحقيق العدالة وصيانة حقوق الوزير المستجوب ولاستقرار وحدان وضمير المجلس لقرار الادانه
الصادر من اللجنة، وضمان عدم نجاوزه لحدود الدستور والقانونية وموضوعيته فيما انتهي
إليه من نتائج، يبد أن المادة (149) من اللائحة الداخلية لم تستلزم اتباع هذا الإجراء
في حالة قرار البراءة».
ورأى بوحسين ان التفسير الواضح لنص المادة (149) وتطبقيها الفعلي وفقا للآلية والإجراءات
المنصوص عليها حصراً في هذه المادة تؤدي إلى ما تبناه المجلس بشأن التعامل مع التقرير
الصادر عن اللجنة المختصة بالاستجواب المتعلق لوزير البلديات لعدد من الأسباب.
وذكر أن إطلاق نص الفقرة الأولى من تلك المادة بشأن التقرير بعدم الادانه لا يحمل بين
ثناياه قيد قيام المجلس بمناقشته قبل التصويت على قرار اللجنة، والقاعدة أنه لا يجوز
تقييد المطلق، بل يجري المطلق على إطلاقه ما لم يقم دليل يقيده نصا أو دلالة. وليس
في النص ما يلزم التصويت على تقرير عدم الأدانه أود التوسع فيه حيث تفسير النص وتطبيقه
السليم من الناحية القانونية لا يؤدي إلى تلك النتيجة.
وأضاف بوحسين «بالتأكيد على خلو نص المادة (149) من عدم وجود اللازم بإعادة مناقشة
قرار اللجنة من قبل المجلس إلا في حالة الادانه، فأنه وعلى الفرض الجدلي من خضوع قرار
اللجنة بالبراءة للمناقشة من قبل المشرع، فان نص المادة (149) صريح في شأن كيفية هذه
المناقشة وهو ضرورة أن تتم المناقشة من خلال إليه استماع آراء الاعضاء المؤيدين للاستجواب
والمعارضون له بالتناوب، ولا يجوز قفل باب المناقشة قبل أن يتحدث اثنان من طالبي الكلام
عن كل جانب على الأقل، وهو الأمر المنتفي من خلال الإجراءات التي تمت في المجلس بهذا
الخصوص».
واشار بوحسين الى ان الاصل يوجب أنه لا اجتهاد مع صراحة النص وان النص الواضح يفسر
ذاته بذاته ولا يحتاج إلى تفسير وإن تفسير النص على رغم صراحته على خلاف مبناه الواضح
والصريح يعتبر تشريعا جديدا. وحيث ان نص المادة (149) قد أورد صراحة على أن تتم المناقشة
فقط لقرار اللجنة في حال الادانة، ووذلك لاعتبارات مخاطر الادانه من الناحية السياسية
والقانونية والدستورية، كما يستلزم ضرورة اعادة المناقشة من قبل المجلس وفقا لآلية
محددة وواضحة ذكرتها المادة (149) للجراء الذي تم في المجلس وتجاوز مثل هذا الأمر وتقرير
ما لم تقرره صراحة المادة (149) للإجراء الذي تم في المجلس من شانه أن يرسي مبادئ دستورية
وعرفا خاطئا ستكون له عواقب جديدة بالاعتبار مستقبلاً في العمل والتطبيقات البرلمانية.
واضاف «تبقى أن التطبيقات البرلمانية يفترض أن يكون مبناة على القواعد الدستورية وأحكام
اللائحة الداخلية للمجلس وأي تجاوز أو تطبيق مخالف من شأنه أهدار الشرعية القانونية
وسيادة الدستور، إذ ينبغي في الممارسة السياسية للبرلمان - أن يتم التفسير وفقا للإطار
الفني السليم والمنطقي فلا يتم تأويل النصوص تاويلا غير صحيح، ولا يبتدع قواعد جديدة
لم تعمل بها النصوص، ولا يصبح التفسير مشرعاً دستورياً آخر».
وذكر بوحسين انه سواء اختلفت الاتجاهات في تفسير لنص المادة (149) بين اتجاه يجعل الاعتبار
للنص وحده واتجاه يجعل للاعتبارات السياسية (الظروف عند تطبيق النص) أثر في التفسير
فإن الأساس المنطقي للتفسير هو الانطلاق أصلا من النص وعدم تجاوز معناه وأصول التفسير
السليم لخلق قواعد جديدة تحت ستار التفسير.
كما أن مخالفة نص المادة (149) في شأن المناقشة والتصويت على قرار اللجنة بالبراءة
فيه تجاوز واضح للصياغة الصريحة لنص المادة ومخالفة للدستور وترجيح لأوضاع غير قانونية
ودستورية.
واكد بوحسين أن الخلاف يتمحور حول هل يجوز للمجلس مناقشة قرار اللجنة في حالة الانتهاء
إلى البراءة؟ وفي حالة الاجابة بنعم، كيف يتم مناقشة قرار البراءة الصادر عن اللجنة؟
وقد أجانب عليها نص المادة (149) في صياغة صريحة وواضحة وخاصة، اذ تقرر عدم ضرورة مناقشة
قرار البراءة وضرورة مناقشة قرار الادانه للأسباب التي تطرقنا إليها سابقاً.
واضاف «على أنه في جميع الأحوال يجب أن تتم المناقشة وفقا للطريق التي حددتها المادة
(149) التي استلزمت على سبيل الوجوب أن تتم المناقشة بسماع آراء المؤدين والمعارضين
للاستجواب قبل التصويت عليه وهو الأمر الذي لم يتحقق في هذا الخصوص».
ورداً على سؤال بشأن مشروعية قيام المجلس مع التفسير والمنطق السليم لنص المادة (149)
قال بوحسين: «الواقع ويبقى إطار البحث هو الطبيعة القانونية لقرار اللجنة المعنية أمام
المجلس هل هو يتخذ شكل اقتراح أو قرار ملزم للمجلس، وأن الاجابة كيفما كانت - أي سواء
كانت مجرد اقتراحات غير ملزمة للمجلس أو انها قرارات ملزمة - فإن معيار التعامل والتطبيق
السليم لهذا النص إنما يتولد من أتباع الأسلوب والإلية السليمة التي حددتها المادة
(149) وان الممارسة في هذا الشأن قامت على تفسير خاطئ لعبارات وفقرات نص المادة المذكورة
والتي جاءت واضحة الصياغة وصريحة المباني والالفاط، ومن جانب آخر لم تتم مناقشة تقرير
البراءة على النحو الذي حددته ذات المادة صراحة من ضرورة مناقشته من قبل الاعضاء المؤيدين
والمعارضين للاستجواب قبل التصويت عليه».
وتابع «يضاف إلى ذلك، فإنه في حال اتخاذ المجلي عرف بمناقشته للتقارير الصادرة بالبراءة
- على خلاف مقتضى النص - فإن هذه الممارسة فيها اهدار سياسي ومالي وإهدار لسيادة الدستور
والنص القانونية الصريحة».
وعن آليات معالجة هذه الازمة قال بوحسين «الواقع يؤكد ان الممارسة البرلمانية تتضمن
ابعادا سياسية وقانونية وقد درجت معظم الدساتير في العالم والانظمة الديمقراطية على
معالجة الأزمات السياسية من خلال منظور سياسي وقانوني في آن واحد مع الأخذ في الاعتبار
الاوضاع و الظروف التي يمكن أن تفرزها هذه الممارسات أو القرارات.
الا انه لفت الى أنه وبعد صدور الأمر الملكي بفض دور الانعقاد الذي يكون ذات أثر مباشر
وساري المفعول فور صدوره وينبغي قراءته مع ما جاء بنص المادة بين (151 - 152) من اللائحة
الداخلية للمجلس، حيث بقراءة مترابطة بين مباني هذه المادتين على أثر صدور الأمر الملكي
وفقا لحكم المادة (76) من الدستور يفترض أن تكون نتائج هذا الاستجواب الا تتعدى المساءلة
السياسية وإن الأثر القانون للمخالفة نص المادة (149) في إصدار قرار الادانة بالمخالفة
لقرار اللجنة بالبراءة ستكون آثاره محدودة ومعنية الاعتبار للتوقف على ضبط وصيانة الممارسة
البرلمانية في صياغة أعراف ومبادئ برلمانية سليمة تكون أساساً للأجيال القادمة.
وعن امكانية سحب الثقة من الوزير في دور الانعقاد القادم قال بوحسين: «في الحقيقة إن
آلية سحب الثقة وفقا الأحكام الدستور واللائحة الداخلية هي عملية تلعب فيها الابعاد
السياسية والقانونية دوراً بالغ الأثر ويترتب عليها في غالب الأحيان عدم إمكان سحب
الثقة من الوزير المعني بالاستجواب، على أنه تبقى عملية سحب الثقة عملية يشوبها الكثير
من العوامل والمحاذير والتفاصيل التي يترتب عليها سحب الثقة أو عدمه».
وفي مجمل الأحوال أخذ في الاعتبار التحفظات الواردة على ما مارسه المجل المخالفة لنص
المادة (149) وفإنه وفقا لنص المادة (152) من اللائحة الداخلية للمجلس تنص على أن طلب
سحب الثقة لا يجوز تقديمة إلا بعد انتهاء المجلس من مناقشة استجواب موجة إلى من قدم
طلب سحب الثقة منه، وهو ما يمكن تفسيره على أنه يجب أن تتم إعادة الاستجواب من جديد
في دور الانعقاد القادم، أي أن يكون طلب سحب الثقة قائم على استجواب تم في ذات الدورة
راسب بالدورة السابقة. وهو أمر كما ذكرت سيحتمل تفسيره على هذا النحو خاصة مع ظروف
وملابسات الاستجواب الذي تم بالمخالفة لحكم القانون.
وبشأن كيفية معالجة هذا الوضع في حالة صدور قرار نهائي بالادانه وان كان مخالفا للدستور
أو القانون تطرق بوحسين الى وجود الكثير من الوسائل على المستوى السياسي والقانوني
الذي من خلاله معالجة هذا الموقف، وتوجه الحكومة على المستوى السياسي سيكون لها دور
فعال ومؤثر في النتيجة النهائية، وقد تقوم بتبني الكثير من الوسائل المتاحة من الناحية
القانونية والسياسية لاحتواء هذا الموقف سلبا أو إيجابا إذا ما يفترض أن يتم اخذه في
الاعتبار هو الإشكالية والتحفظات الواردة على قرار المجلس الذي أصبح يتضمن إشكاليات
يعتبرها البعض تنال من جوهر قرار المجلس والبعض يعتبره صحيحاً سليماً لاعتبارات معنية
ما يستوجب تدخل الحكومة بأسلوب إيجابي لحسم هذا الموقف. اما لو كان القرار الصادر هو
سليم بجميع جوانبه وإجراءاته من الناحية الشكلية والموضوعية فإن احترام قرار المجلس
باعتبار يمثل السيادة الشعبية يجب أن يكون مجملا لكل اعتبار واجباً تطبيقه بتعاون الحكومة
بسحب الثقة ويعتبر من افرازات العمل الديمقراطي، أما وأن القرار شابه ما شابه من اشكالات
وعيوب فإن تعاون الحكومة والكتل السياسية والاعضاء في سبيل معالجة هذا الموقف بايجابية
وموضوعية يبقى مطلبا في غاية الأهمية.
وعن الخيارات المتاحة للوزير المستجوب قال: «الواقع أن الوزير لديه الكثير من الفرص
والإمكانات على المستوى السياسي والقانوني وهناك الكثير من الاستراتيجيات التي يمكن
أن ترقى به وترفع ما الم به من آثار القرار الذي استجمع في طياته الكثير من الإشكاليات،
وإن حسم الموقف سياسياً من خلال التعاون بين جميع الأطراف أمر يمكن أن يحقق نتائج ايجابية
وموضوعية».
ومن جهة اخرى اشار بوحسين الى وجود سوابق قامت فيها بعض البرلمانات باتخاذ قرارات خطأ
ترتبت عليها أزمات سياسية سلبية «هناك الكثير من الحالات في الأنظمة الديمقراطية اذ
البرلمانات قامت باتخاذ قرارات شابها عيب اجرائي أو موضوعي وفي معظم هذا الحالات يتم
معالجتها سياسياً بالتعاون بين الحكومة والبرلمان والكتل السياسية لاحتواء الآثار السياسية
والاقتصادية لقرارات خاطئة صادرة البرلمان وفي عظمها حقق نتائج ايجابية على مختلف الاصعدة
بل أنه في بعض الحالات الخاصة لحسب الثقة أن تجددت الثقة بالوزير المعني».
وأضاف أما من الناحية القانونية فقد حدث في ماليزيا في مقاطعة سرواك أن قام البرلمان
بطرح الثقة برئيس الحكومة بعد الحصول على توقيعات 3/4 أعضاء البرلمان، وفي ذات الجلسة
قدم هذا الطلب وسحبت الثقة وسقطت الحكومة.
وذهب رئيس الحكومة إلى المحاكم المختصة في ماليزيا التي أيدت هذا القرار فلجأ رئيس
الوزراء إلى مجلس اللوردات البريطاني من خلال privy Council المختص في الفصل في الطعون
المتعلقة بدول الكومونولث التي تتبع التاج البريطاني وقد اقر privy council بطلان هذا
الاجراء لأنه لم يأت وفقا للإجراءات المقررة في الدستور والتي يجب أن تتم تحت قبة البرلمان
من خلال الأسلوب والإجراءات المقررة فيه، ولما كانت لم تبتع الإجراءات المطلوبة ومخالفة
لإحكام القانون والدستور، فإن المحكمة قد قامت بإعادة رئيس مجلس الوزراء التي سحبت
الثقة منة.
ورأى بوحسين أن «هذا المثال يوضح بشكل كبير حجم الخسائر السياسية والاقتصادية والشعبية
التي يمكن أن يؤكدها قرار باطل يصدر من البرلمان أو قرار أحاطت به الكثير من التحفظات،
فإن تكلفته السياسية والقانونية تكون باهظة ما لم يتم معالجته بالحكمة والموضوعية أخذا
بالاعتبار الصالح العام والسيادة الوطنية».
دستور
مملكة البحرين
مرسوم
بقانون بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب
مرسوم
بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
رقم (52) لسنة 2002 بتعيين أمين عام لمجلس النواب