جريدة الايام 6 صفر 1446هـ - 11 أغسطس 2024م
تصاعد في
قضايا «خلافات البناء».. ومختصّون: عدم وضوح العقود أكبر الأسباب
تشهد المحاكم ارتفاعًا ملحوظًا في القضايا المتعلقة بنزاعات
السكن بين البائعين والمشترين، وكذلك بين المشترين والمقاولين.
ووفق الرصد الذي قامت به «الأيام»، فقد حسمت المحاكم البحرينية خلال العام الجاري
2024 حوالي 25 قضيّة خلاف تتعلق بخلافات حول بناء المنازل، حيث شملت القضايا
ادعاءات بعدم التزام الطرف الآخر بالشروط التعاقدية مثل تأخير تسليم المنازل وعدم
مطابقة البناء للمواصفات المتفق عليها، وفي المقابل تأخر المشترين أو أصحاب المنازل
في سداد الدفعات المالية.
وشملت عشرات القضايا المنظورة في المحاكم، والتي اطلعت «الأيام» على كثيرٍ منها،
عدم التزام المقاولين بالمواصفات الفنية المتفق عليها في العقود، مما يدفع المشترين
إلى تقديم شكاوى ضدهم، كذلك، يعاني المشترون من تأخير المقاولين في تسليم المنازل
في المواعيد المحددة، خصوصًا بعد دفعهم للدفعات مقدمًا، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى
المحاكم للمطالبة بالتعويضات.
من ناحية أخرى، يواجه البائعون مشاكل مع المشترين الذين يتأخرون أو يتوقفون عن سداد
الدفعات المتفق عليها، مما يستدعي التدخل القانوني لتحصيل المستحقات.
وشهد التشكيل الأخير للتعيينات القضائية، والذي تمّ في سبتمبر 2023 تخصيص محكمة
عقارية تختص بمنازعات الدعاوى العقارية وأخرى لعقود المقاولات، وقد أسهم ذلك في
تسريع النظر والحسم في القضايا وفق أفضل السبل والمناهج والجوانب التخصصية، وضمان
حقوق جميع الأطراف المعنية، مما عزز الثقة في السوق العقاري، ويسهم في التزام
الجميع بالعقود المبرمة.
الأيام بدورها تفتح ملف «القضايا المنظورة أمام القضاء؛ بسبب مشاكل في البناء أو
تسليم العقارات لمستحقيها، إذ تطرقت إلى عينه من القضايا المنظورة أمام المحاكم
المختصة، بالإضافة إلى آراء محامين ومحكمة وخبراء هندسيين».
في آخر القضايا المحسومة في المحاكم، قضت المحكمة المدنية بإلزام مقاول بدفع تعويض
مالي قدره 40115 دينارًا للمدعي، وهو زوج شقيقته، وذلك على خلفية تقصير المقاول في
تنفيذ عقد بناء منزل.
وتضمن النزاع أن المدعي اتفق مع المقاول على بناء المنزل وتركيب الرخام والبلاط
بمبلغ قدره 110 دنانير للمتر المربع، وقدم المدعي مبلغًا إجماليًا قدره 142575
دينارًا على ست دفعات.
وعلى الرغم من استلام المقاول لآخر دفعة، شهد العمل تأخيرًا ملحوظًا، وظهرت أخطاء
جسيمة في البناء، حاول المدعي مرارًا مع المقاول لمعالجة الأخطاء وتسريع سير العمل،
إلا أن المقاول، مستفيدًا من علاقته الشخصية بالمدعي كونه شقيق الزوجة، تقاعس عن
تنفيذ التزاماته.
في ظل هذا الوضع، استعان المدعي بخبير هندسي لتقييم حالة المشروع. وقد أثبت تقرير
الخبير وجود أخطاء جسيمة في البناء، وأكد أحقية المدعي في المطالبة بالتعويض. بناءً
على هذه التقييمات، قضت المحكمة بإلزام المقاول بدفع تعويض مالي قدره 40115 دينارًا
للمدعي، تعويضًا عن الأضرار الناتجة عن تقاعسه وإساءة استخدام الثقة والعلاقة
الأسرية في تنفيذ العقد.
أكدت الخبير الهندسي والمحكم، المهندسة شيخة الخلاصي عضو مجلس إدارة جمعية
المهندسين البحرينية، أن من أبرز مسببات النزاعات في مشاريع البناء هي العقود غير
الواضحة، أو التي تحتوي على قصور. وأشارت إلى ضرورة تضمين العقود مواصفات البناء
القياسية المطلوبة، وجدول الكميات التفصيلي ضمن نطاق العمل المحدد، بالإضافة إلى
جدول سداد الدفعات، والشروط الجزائية، والضمانات لضمان حقوق الطرفين.
وأضافت الخلاصي أن وجود إشراف هندسي دائم على المشروع لمتابعة الأنشطة الجارية
والتدقيق يسهم في رفع جودة الأعمال وضبط الميزانية وسير العمل.
وأوضحت الخلاصي أنه يمكن للأطراف الاستعانة بالعقود النموذجية القياسية، مثل عقود
فيديك، التي تستخدم في مشاريع البناء والهندسة على مستوى العالم. هذه العقود توفر
إطار عمل موحدًا وبنودًا قد تغفل عنها العقود الأخرى، مما يساعد في تقليل النزاعات
وضمان تنفيذ المشروع بشكل فعّال.
كما أشارت الخلاصي إلى أنه في حال وقوع نزاع بين الأطراف، يمكنهم اللجوء إلى أحد
الخبراء الهندسيين لإعداد تقرير فني بشأن النزاع وإثبات حالة المشاريع القائمة قبل
الشروع في رفع الدعاوى القضائية، وذلك وفقًا لقانون الخبرة الجديد في مملكة
البحرين. هذا القانون يسهم في تقليل فترة التقاضي أمام المحاكم ويمكن الأطراف من
تقديم تقاريرهم عند رفع الدعوى أو في أثناء سيرها تبعًا للنظام الإجرائي.
وبينت الخلاصي أهمية هذا الإجراء، حيث إن الخبرة تعد أداة من أدوات الإثبات لدى
المحاكم. لذا، فإن العناية في اختيار خبير محايد ذي سمعة حسنة وخبرة مطلوبة في
المجال لها الأثر البالغ في تقديم تقرير خبرة مستند إلى الحقائق وأصول المهنة
بعيدًا عن التحيز.
ولفتت الخلاصي، بصفتها عضو مجلس إدارة جمعية المهندسين البحرينية، إلى دور الجمعية
المجتمعي الهام في نشر التوعية. فقد قدمت الجمعية ندوة بعنوان «بيت العمر» في بداية
هذا العام، لتوعية المقبلين على البناء وتوضيح دور كل من المهندس والمالك والمقاول
في نجاح المشروع، وقد لاقت الندوة إقبالاً واستحسانًا واسعًا. ونظـــمت رابطة
المحكّمين والخبراء بالجمعيــة العديد من ورش العمل المتخصصــة لطــرح المواضيع ذات
الصلة بفض النزاعات الهندسية وتبادل المعرفة لإثراء الجانب الهندسي لها.
أكدت المحامية إيمان الأنصاري وجود حالات متكررة في الآونة الأخيرة، تتمثل في أن
بعض المقاولين يدعون زورًا أنهم على أتم الاستعداد للبناء في الوقت المتفق عليه،
ويصرون على استلام أكثر من نصف المبلغ أو المبلغ بالكامل بحجة رغبتهم في شراء مواد
البناء وتغطية مصاريف البناء للبدء في العمل. إلا أنهم بعد استلام المبالغ، يبدأون
بالمماطلة أو بإيقاف العمل بالكامل، مما يضطر صاحب العقار إلى اللجوء إلى القضاء
لاسترجاع حقه.
وأضافت الأنصاري أن السلوك المخادع من قبل بعض المقاولين يعد انتهاكًا صريحًا
للعقود المبرمة، وينطوي على سوء نية واضحة.
وأوضحت الأنصاري أنه يجب على المواطنين توخي الحذر والحرص الشديد عند التعامل مع
مقاولي البناء، معتبرةً أن تسليم أكثر من نصف المبلغ قبل بدء المشروع خطأ فادح يقع
فيه الكثير، مشددة على ضرورة التروي والتأكد من سمعة وموثوقية أي شركة قبل إبرام أي
اتفاقيات معها، وعدم سداد كافة المبالغ دفعة واحدة قدر الإمكان.
قالت المستشارة القانونية فاطمة مبارك إن «عقد المقاولة هو أحد العقود المسماة في
القانون المدني البحريني (المواد 584-620)، إذ ينظم القانون العلاقة بين المقاول
ورب العمل، أي مالك الأرض، وكذلك العلاقة بين المقاول ومهندس المشروع».
وأضافت مبارك أن «رغم أن عقد المقاولة منظم بموجب القانون، إلا أنه في الناحية
العملية محفوف بالمخاطر والنزاعات بين المقاول والمهندس ومالك الأرض أو صاحب
البناء».
وذكرت مبارك أن «هذه النزاعات تظهر في عدة أشكال، قد يتأخر المقاول في تنفيذ
التزاماته بموجب عقد المقاولة، أو يتأخر مالك الأرض أو صاحب البناء في سداد المبالغ
المستحقة للمقاول».
وأشارت إلى أن «أسباب النزاعات متنوعة، منها ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم قدرة
المالك على السداد. كما أن بعض المقاولين يتعاقدون مع أكثر من مالك للقيام بالأعمال
في وقت واحد، مما يوضح نقص العمالة لدى المقاول، ويتسبب في التأخير، خاصة مع القروض
التي تثقل كاهل المالك».
وأكدت مبارك أن «لتجاوز هذه النزاعات وحلها، من الأفضل أن يقوم المالك بالسؤال عن
المقاول والتأكد من مدى جديته في إنجاز الأعمال قبل إبرام عقد المقاولة».
واختتمت قائلة: «في حال نشأ خلاف بين الطرفين، يُفضل اللجوء إلى وسيط متخصص في
أعمال المقاولة، الذي يمكنه أن يساعد الوسيط الطرفين على حل الخلاف بسرعة، قبل
اللجوء إلى المحاكم التي تستغرق وقتًا طويلاً. الوساطة تحافظ على الود بين الطرفين،
وتسرع من التوصل لحل مرضٍ للجميع».
قال المحامي عبدالعظيم حبيل إن العديد من القضايا التي وردت إليه تتعلق بتأخر
المقاولين في إنجاز الأعمال المتفق عليها وفقًا للاتفاقات المبرمة بينهم وبين أصحاب
العقارات. وأوضح أن المدعين (أصحاب العقارات) قد سددوا كافة حقوق المقاولين
المالية، إلا أن هؤلاء المقاولين يتعمدون المماطلة في إنجاز الأعمال المتفق عليها
والتهرب منها، مما يجعل أصحاب العقارات ضحايا للتأخير في تحقيق حلمهم ببناء
عقاراتهم، ويترتب عليهم متراكمات مالية كبيرة، ويضطرون للجوء إلى القضاء وانتداب
خبراء هندسيين لمعاينة الأعمال المنجزة وغير المنجزة.
وأضاف حبيل أن هذا الوضع يتسبب في إضافة عبء مالي آخر على المدعين بسبب التكاليف
القضائية، وأشار إلى أن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة من قبل
المقاولين.
قال المحامي محمد المهدي إن الفترة السابقة، وبعد جائحة كورونا، شهدت العديد من
الحالات التي تضمنت أخطاء إنشائية وتنفيذية في المشاريع العمرانية. وأرجع ذلك إلى
تعثر العديد من شركات المقاولات وارتفاع أسعار مواد البناء.
وأضاف المهدي أن نقص الخبرة لدى بعض شركات المقاولات، من حيث نقص العمالة الفنية
الماهرة وعدم وجود مهندسين مختصين للمساعدة في أعمال الإنشاء والمقاولات، قد أسهم
في تفاقم المشكلة.
وأشار المهدي إلى أن غياب الإشراف على الأعمال التي ينفذها المتعاقد من قبل مهندس
خارجي مشرف على البناء، بالإضافة إلى عدم وجود أرضية مشتركة ووعي في صياغة العقود
الخاصة بالبناء لدى المختصين، هي من الأسباب التي تدفع الأطراف إلى اللجوء إلى
القضاء.
ذكرت المحامية زهرة الجسر أن عقود المقاولات تلعب دورًا محوريًا في تنفيذ المشاريع
الإنشائية والتطويرية، إذ تربط بين المالك وبين الشركات المتخصصة في تنفيذ الأعمال
«المقاولين».
وأضافت أن في غالب الأحيان تكون الدعاوى مرفوعة في المحاكم من العميل أو المالك ضد
المقاول، إلا أنه في بعض الأحيان تكون النزاعات في دعاوى المقاولات؛ بسبب المالك أو
العميل، وخصوصًا فيما يتعلق بتأخير صرف الدفعات المالية التي تمثل السيولة ورأس
المال التشغيلي الذي يمكن للمقاول من خلاله أن يستمر في تنفيذ الأعمال المتفق عليها
بحسب الجدول الزمني المتفق عليه.
وأشارت الجسر إلى أن هذا التأخير قد يسبب مشكلات مالية تواجه أصحاب المشاريع
ومموليها، مما يؤدي إلى العديد من الأضرار الأخرى، إذ تتوقف سيولته المالية، مما
يتسبب في عرقلة إكمال المشاريع الأخرى، ودفع المستحقات العمالية، والوفاء بمصاريف
المشاريع الأخرى. ومن هنا يبدأ تعثر المقاول أو شركات المقاولات.
قالت المحامية سمراء عبدالرحيم القصير إن المحاكم تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الدعاوى
القضائية المتعلقة بالمقاولات، بالرغم من أن القانون المدني البحريني كان صريحًا
وقاطعًا في تحديد التزامات طرفي النزاع.
وأضافت القصير أن النزاعات المنظورة في المحاكم فيما يتعلق بعقود المقاولات تتنوع،
ومن أبرز هذه النزاعات التأخير في التنفيذ وتسليم المشروع في الموعد المتفق عليه،
ومخالفة الاشتراطات والمواصفات المتفق عليها في العقد، وعدم مطابقة البناء مع
التصميم ونوعية المنتج.
وأشارت القصير إلى أن هناك شركات مقاولات كبرى تضطر للتعاقد مع شركات من الباطن
بهدف زيادة الربح، ثم تجد الأخيرة نفسها في مأزق؛ بسبب ارتفاع تكلفة مواد البناء
وأسباب أخرى تتعلق بالعمالة، مما يتسبب في صعوبة الوفاء بالالتزامات.
وتحدثت القصير عن بعض شركات المقاولات المتعثرة التي تنتهج أساليب احتيالية، وتختفي
تمامًا بعد استلامها الجزء الأكبر من مستحقاتها، وتلجأ للمحاكم لرفع دعاوى إعادة
التنظيم والإفلاس للتهرب من المسؤولية القانونية عند العجز عن الوفاء بالالتزامات
وتسليم الأعمال المتفق عليها.
ودعت القصير الجهات المانحة لرخص شركات المقاولات إلى التشدد في منح هذه التراخيص
لتجنب المشاكل التي يتسبب بها المقاول لأصحاب المشاريع أو المنازل.
وطالبت القصير السلطات التشريعية بإضافة مواد أكثر صرامة كما هو الحال في القانون
الإماراتي، حيث نصت المادة (423) من قانون العقوبات الاتحادي على أنه «مع عدم
الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب بالحبس والغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من غش
متعاقدًا معه في حقيقة بضاعة، بطبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو العناصر الداخلة في
تركيبها، أو نوع البضاعة أو مصدرها في الأحوال التي يعد فيها ذلك سببًا أساسيًا في
التعاقد، أو في عدد البضاعة، أو مقدارها أو قياسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها، أو
في ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه. ويعاقب بالعقوبة
ذاتها من استورد أو اشترى أو روّج هذه البضاعة بقصد الاتجار فيها وهو يعلم
حقيقتها»، وأن المادة المشار إليها تطبق على جميع الممثلين القانونيين لشركات
المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية في حال ثبت وجود تقاعس أو اشتراك فيما بينهم.

القرار وفقًا لآخر تعديل - قرار وزارة شئون البلديات
والزراعة رقم 5 لسنة 2010 بشأن رسوم رخص البناء وتعديل القرار رقم 22 لسنة 2005
بشأن الرسوم البلدية
تعميم مجلس تنظيم مزاولة المهن الهندسية رقم (01)
لسنة 2022 بشأن طلبات رخص البناء التي يتم إصدار عناوينها بشكل يدوي