جريدة اخبار الخليج - العدد : ١٢٩٥١ - السبت ٧ سبتمبر ٢٠١٣ م، الموافق ١ ذو القعدة
١٤٣٤ هـ
قرار وزير العدل بشأن تنظيم لقاءات الجمعيات السياسية بالجهات الأجنبية في الميزان
نواب وحقوقيون: القرار قانوني ويتفق مع الأعراف الدبلوماسية ويلبي مطلبا شعبيا لمنع
التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية
تحقيق: وليد دياب - أحمد عبدالحميد
أثار قرار وزير العدل الأخير بشأن إلزام الجمعيات السياسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية
في لقاءاتها مع السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الأجنبية، وضرورة
حضور ممثل لوزارة الخارجية لهذه اللقاءات، العديد من ردود الأفعال، ففي الوقت الذي
امتنعت الجمعيات الخمس عن المشاركة في الاجتماع المغلق للحوار الوطني الأسبوع الماضي
اعتراضا على القرار، رأى العديد من الشخصيات العامة والحقوقية والتشريعية بالإضافة
إلى بعض ممثلي الجمعيات السياسية أن القرار قانوني وضروري للغاية في تلك الفترة، وطالبوا
بضرورة تطبيقه فورا، مشددين على أن الجمعيات السياسية أنشئت للعمل الوطني العام وليس
للعمل السري وبالتالي ليس هناك ما يبرر أن نخفيه من لقاءات.
وأشاروا إلى أن الوقائع أثبتت أن اتصال بعض الجمعيات السياسية بالسفارات والبعثات الأجنبية
أسهم في تأزيم الوضع الداخلي بالبحرين، ذلك على الرغم من مخالفة هذه الاتصالات للقوانين
المنظمة لعمل الجمعيات وكذلك الأعراف الدبلوماسية التي تحكم عمل السفارات والبعثات
والقنصليات الأجنبية.
فيما عبرت بعض الجمعيات عن رفضها لقرار وزير العدل، وطالبت بضرورة إعادة النظر فيه،
لعدم خضوعه للقنوات الدستورية عبر البرلمان، محذرة من أن هذا القرار سيفتح الأبواب
للعمل السري غير المنضبط.
أكد أحمد سند خليفة آل بن علي أمين عام جمعية الوسط العربي الإسلامي أن قرار وزير العدل
- بشأن قواعد اتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية والدبلوماسية
الأجنبية - ليس بجديد وانه موجود من قبل في قانون إنشاء الجمعيات السياسية في مملكة
البحرين بضرورة إعلام أي جمعية سياسية وزارة العدل قبل الاتصال بجهات خارجية، مضيفا
انه بحكم الظروف الاستثنائية التي تعيشها البحرين فان الكثير من الإجراءات تكون مطلوبة
بشكل كبير.
وأوضح أن مثل هذا الإجراء قد يكون غير مطلوب في الوضع الطبيعي، إلا انه في ظل الوضع
الاستثنائي الذي نعيشه فمثل هذه الإجراءات صحيحة، مضيفا أن هناك جهات خارجية تضع أياديها
وأنوفها في أمور كثيرة حاليا في وطننا العربي، وبالتالي من غير الطبيعي ترك الساحة
الداخلية لأي احد ليفعل ما يشاء ويتصل بمن يشاء ويحرض من يشاء، لافتا إلى أن التدخلات
الأجنبية قد تدخل في طياتها نوع من التحريض والإيحاء بأمور معينة غير مطلوبة في ظل
الظروف الحالية التي تمر بها مملكة البحرين.
وتساءل أحمد سند خليفة آل بن علي هل الجمعيات التي أخذت موقفا مضادا لهذا الإجراء على
تواصل مع جهات أجنبية وتخشى المنع؟ موضحا أن الجهات الخارجية كالسفارات وغيرها لديها
قنوات رسمية ودبلوماسية من اجل التواصل.
وطالب أمين عام جمعية الوسط العربي الإسلامي أي أحد يريد أن يتصل بأي جهة أجنبية أن
يقوم بذلك علانية وأمام الإعلام، إذا كان ليس لديه ما يخفيه، وألا يستخدم الأسلوب السري
في التواصل مع أي طرف أجنبي بعيدا عن الإعلام.
من جانبه أيد بقوة عبدالرحمن إبراهيم الباكر رئيس مجلس إدارة جمعية التجمع الوطني الدستوري
«جود» قرار وزير العدل، مشيرا إلى أن هذا القرار كان من المفترض أن يصدر قبل سنوات،
مضيفا انه لابد من التشديد والمتابعة في تطبيقه واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الجمعيات
التي تخالف هذا القرار.
وأشار إلى ان أي جهة داخلية تكون على اتصال بأي جهات خارجية يجب أن يكون بعلم الجهات
الرسمية وان تؤخذ الموافقة على هذه اللقاءات، ولكن ترك الحبل على الغارب لأي جمعية
سياسية للاتصال بجهات دبلوماسية وخارجية من دون أي اعتبار للدولة ولسيادتها فهذا شئ
خطأ، مضيفا انه لابد من تفعيل القانون والقرار الذي أصدره وزير العدل.
وأكد أن الجمعيات السياسية التي تعمل بشكل علني وليس لديها أي مآرب أو تعليمات وتوجيهات
ومساعدات من قبل جهات خفية في الخارج فلن يعوق هذا القرار عملها، مضيفا أن العمل الوطني
في الداخل يمكن أن يتعاون مع الجهات الخارجية إذا كانت هناك موافقة وتنسيق مع الجهات
الرسمية داخل المملكة.
واستنكر عبدالرحمن الباكر أي عمل يتم ضد توجهات القيادة، قائلا إننا يجب أن نتعاون
مع توجهات القيادة للرقي بالعمل الوطني السياسي في مملكة البحرين وليس العكس، مضيفا
اننا قد نختلف في وجهات النظر السياسية ولكن يمكن معالجة هذا الاختلاف بالحوار والنقاش
والتفاهم مع الجهات المختصة وليس التعويل على الخارج، كما انتقد بشدة ربط الجمعيات
الخمس هذا القرار - الذي قال انه إداري - بحضور جلسات الحوار، واصفا هذا الموقف من
الجمعيات الخمس بالعبثي قائلا انه ليس هناك أي علاقة بين القرارات الإدارية الصادرة
عن الجهات الرسمية بجلسات الحوار الوطني.
من ناحيته قال احمد جمعة رئيس جمعية الميثاق إن الإشكالية الموجودة حاليا ليست في إصدار
القوانين أو القرارات وإنما في تطبيق هذه القوانين، مضيفا انه حذر كثيرا طوال السنوات
الماضية من مسألة الاتصال بالسفارات الأجنبية أو المنظمات الخارجية والخروج عن مبادئ
الاتصالات وقانون الجمعيات، وطالب كثيرا بمثل هذا القرار، مشيرا إلى انه قال كثيرا
انه لابد من تطبيق القوانين من اجل إنقاذ البحرين ووضعها على الطريق الصحيح وغلق الباب
أمام فوضى دخول وخروج المنظمات الدولية المشبوهة.
وأوضح أن دور وزارة العدل والخارجية فيما يتعلق بتنظيم اتصال الجمعيات السياسية بالجهات
الخارجية والدبلوماسية يجب تطبيقه بشكل فعلي، وأعرب عن خشيته أن تكون هذه القوانين
حبر على ورق، موضحا أن عدم تطبيق القوانين أصبح هاجسا لدى الجميع.
وأشار إلى أن تطبيق هذا القرار سيكون له مردود على مستوى منع تدخل السفارات الأجنبية
في شئون البحرين الداخلية، مضيفا أن تدخل السفراء في شئون البحرين الداخلية أصبح مبالغا
فيه من خلال لقائه أشخاص أو جمعيات أو يعطى توصيات وأحيانا يعطي توجيهات للجمعيات السياسية،
قائلا إن السفير الأمريكي يذهب إلى بعض الجمعيات السياسية ويعطيهم توجيهات وخطط وهذا
يعد تدخلا سافرا في شئون البحرين الداخلية.
وتابع رئيس جمعية الميثاق قوله إن قرار وزير العدل سيمنع أيضا دخول وخروج منظمات مشبوهة
تدخل البحرين بتأشيرات سياحية، وعندما تدخل المملكة تتحرك بصفتها السياسية والحقوقية
وتتصل ببعض الجمعيات والأشخاص.
من جهته قال خالد القطان عضو جمعية المنبر الوطني الإسلامي إن قرار وزير العدل - بشأن
قواعد اتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية والدبلوماسية الأجنبية
- مازال موضوعا على جدول أعمال ائتلاف الجمعيات الوطنية السياسية إلى حين مناقشته رسميا،
مضيفا أن الائتلاف لديه بشكل مبدأي تصور بأن هذا القرار يتسق مع النظام نفسه الموجود
حاليا، ولا يعتبره تقييدا للعمل السياسي، وخصوصا أن الجمعيات السياسية يجب أن تعمل
بالشأن المحلي، وبالتالي أي اتصالات مع جهات أجنبية يعتبر تدخلا في الشئون السياسية
للبحرين.
وأضاف القطان: نحن لا نرى في هذا القرار أمرا مقلقا بل على العكس هو أمر جيد يعمل على
تنظيم العمل الوطني للجمعيات السياسية داخل المملكة بدون أي مؤثرات خارجية توجهه إلى
جهة معينة لا تكون في صالح الشأن الوطني.
وطالب عضو جمعية المنبر الوطني الإسلامي بأن يطبق هذا القرار بشكل دائم، ولكن ضمن آليات
معينة تتعلق بالتطبيق، مضيفا انه إذا كان من آليات تطبيق القرار إبلاغ الجهات المعنية
بأي لقاء مع وفود أجنبية أو دبلوماسية فهذا أمر طبيعي، ولكن إذا ارتبط الأمر بضرورة
اخذ موافقة رسمية ومكتوبة من تلك الجهات، فإن هذا الأمر سيمثل إعاقة للعمل السياسي،
ولا نراه أمرا صحيحا، لان العمل السياسي يجب أن يكون له ضوابط وقوانين تلتزم بها الجمعيات
بشكل ذاتي وليس بشكل إجباري بالضغط من جهات معينة، فهي في النهاية جهة مشرفة وليست
جهة مرخصة أو معنية بالموافقات أو غير الموافقات.
ولفت القطان إلى أن الائتلاف لا يعلم حتى الآن الآلية التي ستتبع مع تطبيق هذا القرار،
مضيفا أن الأمر يجب أن يكون بغرض إعلام الجهات الرسمية فقط، وانه إذا كان هناك اعتراض
فيمكن أن يناقش، ثم تستطيع الجمعيات التواصل مع أي جهة ولكن يكون بغرض مصلحة البحرين.
وحول ضرورة وجود مندوب من وزارة الخارجية لحضور تلك الجلسات قال القطان إن هذا الأمر
يندرج أيضا تحت بند الآليات التي ستتبع لتطبيق هذا القرار، متسائلا هل وزارة الخارجية
لديها عدد من المندوبين كاف لحضور كل هذا العدد من لقاءات.
من جانبها أكدت جميلة علي سلمان رئيسة جمعية المحامين وعضو مجلس الشورى أن قانون الجمعيات
السياسية حظر الاتصال بالجهات الأجنبية، وهذه الجهات قد تكون سفارات أو بعثات أجنبية،
ولذلك فان قرار وزير العدل ليس بجديد، ولكن موجود بالفعل في قانون الجمعيات، كما أن
المشرع أعطى الحق لوزير العدل اتخاذ القرارات التنفيذية بموجب التفويض التشريعي بقانون
الجمعيات.
وأوضحت جميلة سلمان انه في حال حدوث تواصل مع جهات أجنبية قد تحدث بعض المخالفات ومنها
أن تحصل جمعية ما على تمويل خارجي وهذا محظور قانونا، لان أي أموال تدخل الجمعيات السياسية
لابد أن يعرف مصدرها، كما أن هذه الاتصالات قد تستغل للإساءة للعلاقات البحرينية الخارجية،
وبذلك تتسبب في الإضرار بالأمن الوطني للمملكة.
وأشارت رئيسة جمعية المحامين وعضو مجلس الشورى إلى صدور قرار وزير العدل جاء بعد الكشف
عن معطيات عديدة أثبتت أن تواصل الجمعيات السياسية مع بعض السفارات الأجنبية كان احد
أهم الأسباب التي أسهمت في تأزيم الوضع الداخلي للمملكة والإساءة للبحرين على المستوي
الخارجي، مشددة على أن هناك دولا كثيرة تمنع أحزابها ومنظماتها من التواصل مع السفارات
الأجنبية، وتعتبر أن هذا الأمر بمثابة مخالفة وجريمة قد تصل إلى حد الاتهام بالتجسس.
وأوضحت جميلة علي سلمان أن أعضاء السلطة التشريعية الذين يعتبرون ممثلين للشعب إذا
ما رغبوا في التواصل مع احد السفارات الأجنبية يقومون بإجراءات معينة طبقا لما حددته
الدولة لذلك، لأنه لا يوجد حق مطلق ولا حرية مطلقة بدون ضوابط، تجنبا لحدوث أي فوضي
أو أضرار تصيب المملكة، وحماية المصلحة العامة أسمى من المصلحة الفردية.
وأضافت انه من الأعراف الدبلوماسية تؤكد أن وجود السفارات لدى أي دولة يكون بهدف حماية
المواطنين المنتسبين إلى هذه السفارة في هذه الدولة، بالإضافة إلى دور السفارة في تنمية
العلاقات الدبلوماسية بين حكومات الدول الموجودين فيها وبلدانهم، مشددة على انه لا
يحق لأي سفارة أن تتدخل في الشأن الداخلي أو الشأن العام، وهذا عرف دبلوماسي دولي،
ويجب أن تحترم سيادة الدول واحترام شئونها الداخلية.
وقالت جميلة علي سلمان رئيسة جمعية المحامين وعضو مجلس الشورى انه لا يمكن القبول بالتدخل
الأجنبي في الشئون الداخلية، وان قرار وزير العدل كان مطلبا شعبيا لوضع حد لتدخل بعض
السفارات بعد أن أثبتت الوقائع أن هذه الجهات أسهمت في تأزيم الوضع في البحرين.
وبخصوص مقاطعة الجمعيات السياسية لجلسة الحوار الوطني الأخيرة احتجاجا على قرار وزير
العدل أكدت رئيسة جمعية المحامين وعضو مجلس الشورى أن هذه الجمعيات لم تبد أسباب تضررها
من قرار وزير العدل، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما علاقة قرار وزير العدل بالحوار
الوطني؟، وكان ينبغي على الجمعيات السياسية أن تتحمل مسئولياتها وعدم عرقلة مسار الحوار
الوطني.
وأشارت جميلة علي سلمان أن الخطوة التي أقدمت عليها الجمعيات تدل على أن أي تشريع سيصدر
في المستقبل ستتخذه الجمعيات السياسية ذريعة لتعطيل الحياة، وكررت التساؤل ما هو الضرر
الذي سينعكس على الجمعيات السياسية من تداعيات هذا القرار، وما هي علاقة هذه الجمعيات
بالسفارات الأجنبية؟، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة على موقف هذه الجمعيات.
وأكد عبدالجبار أحمد قريب الله الطيب عضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب وعضو
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان انه من المبادئ المتعارف عليها أن السياسة الخارجية
محجوزة للدولة وان المسائل التي تتعلق بسياسة الدولة واتصالها بالمجتمع الدولي هي من
المسائل التي لابد أن تكون مقتصرة على الجهات الرسمية والجهات الأهلية مثل الجمعيات
السياسية وغيرها، في إطار التنظيم الذي تضعه الدولة، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية
العليا اعتبرت أن السياسية الخارجية من أعمال السيادة وبالتالي رفعت يدها من التدخل
في أي تشريع متعلق بهذا الشأن.
وأضاف الطيب أن قانون الجمعيات السياسية جعل العمل السياسي قائما على أسس ديمقراطية
وبوسائل مشروعة وليس منه هذه الوسائل المتاحة في العمل السياسي بالبحرين أن يتم تداول
الشأن الداخلي للدولة لدى جهات خارجية ومنها السفارات والبعثات والقنصليات الأجنبية
أو المنظمات الدولية.
وأشار عضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب وعضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
إلى أن جميع الاتفاقات الدولية والبروتوكولات الاختيارية التي منحت الشعوب الحق لتقديم
شكاوى لدى اللجان التعهدية المتابعة لتنفيذ هذه البروتوكولات، أكدت أمرا مهما، وهو
انه لا يجوز التقدم بشكوى لدى هذه اللجان إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الداخلية للدول،
فعلى سبيل المثال لا يمكن التقدم بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن وقوع مخالفة
من احدى الدول، إلا بعد إتمام جميع درجات التقاضي داخل هذه الدولة.
وأوضح عبدالجبار الطيب أن جميع المسائل التي تتعلق بالسياسة الخارجية أو سيادة الدولة
لا يمكن القبول بأن تكون غير منظمة وخاضعة للتدخلات الأجنبية، مشددا على انه لا توجد
أرضية قانونية أو حقوقية للجوء الأجنبي في الشأن الداخلي للدولة.
وشدد الطيب على أن قانون الجمعيات السياسية منع الاتصال مع الأحزاب والجهات الخارجية،
وان قرار وزير العدل صدر لينظم هذا الأمر، وعلى ذلك فان وزير العدل اصدر قراره بناء
على قانون، وخاصة أن قانون الجمعيات السياسية نص على أهداف العمل السياسي وضوابطه،
ولا يمكن أن نقر أن التواصل مع السفارات الأجنبية من مستلزمات العمل السياسي، وخاصة
إذا ما كان الأمر يتعلق بالشئون البحرينية الداخلية.
وكشف الطيب عن أن اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية الصادرة في 1966 نصت على انه لا
يجوز للسفارات أن يقوموا بأية أعمال تمس سيادة الدولة الداخلية، وان من أسس العمل في
السياسات الخارجية المعاملة بالمثل وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى.
وأكد الطيب أن قرار وزير العدل بتنظيم اتصال الجمعيات السياسية بالجهات الأجنبية قرار
قانوني ولا يتعارض مع الأنشطة التي تمارسها السفارات الأجنبية، حيث إن أعمال هذه السفارات
أن ترصد ما يحدث في البلاد وتنقل ذلك في تقارير لبلدانها، ولكن من دون أن تباشر عمل
ايجابي للتأثير على الأوضاع الداخلية للدول.
وكشف عضو المكتب الدائم لإتحاد الحقوقيين العرب وعضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
عن أن الجمعيات الحقوقية تخضع لإجراءات وقوانين أخري تنظم عملها، مشيرا إلى أن وزير
حقوق الإنسان سيصدر قريبا ضوابط بشأن زيارات المنظمات الحقوقية، بعد إعلان نقل تسجيل
الجمعيات الحقوقية وإخضاعها لوزارة حقوق الإنسان بدلا من وزارة التنمية الاجتماعية.
من جانبه أكد عبدالله الحويحي رئيس الهيئة المركزية بتجمع الوحدة الوطنية أنهم يوافقون
على القرار في حالة اتساقه وتوافقه مع قانون الجمعيات السياسية، على اعتبار أن موضوع
التواصل مع السفارات الأجنبية أحيانا يمس سيادة الدولة، وأصبح وسيلة استقواء بالقوى
الخارجية، ولفت إلى أن الأمر وصل في بعض الأحيان إلى المطالبة بالتدخل في الشأن الداخلي
للوطن، قائلا: نحن ضد هذا التوجه، فإذا كان التواصل من اجل المصلحة الوطنية فليس هناك
مشكلة من إبلاغ وزارتي العدل والخارجية.
وأضاف أن التواصل مع الجهات الخارجية والدبلوماسية تم استخدامه بهدف التشهير بالوطن
والأمن الوطني.
من جانبه قال فريد غازي المحامي وعضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ان الرأي القانوني
فيما يخص قرار وزير العدل يؤكد أن هناك قانونا ينظم عمل الجمعيات السياسية، وغيرها
من الجمعيات الاجتماعية لها قوانين تنظمها، كما أن القانون الوطني ينظم اتصال الجمعيات
السياسية بالمؤسسات والجهات الأجنبية، وخاصة أن الاتصال بالبعثات والقنصليات الأجنبية
يفتح باب العمالة للأجنبي والتواطؤ مع الأجنبي ضد الدولة، مشددا على انه لا توجد دولة
تفتح للجمعيات أو الأحزاب السياسية العمل الحر مع السفارات الأجنبية بها.
وأضاف غازي انه من المفترض أن هناك قانونا دوليا ينظم عمل البعثات الدبلوماسية في الدول،
ويمنع تدخل هذه السفارات في الشئون الداخلية للدول التي يتواجدون فيها، وبالتالي من
الحكمة ومن المنطق ألا تقوم جمعيات النفع العام السياسية بالاتصال بهذه السفارات لأنه
باب يمكن أن يدخل منه التدخل الأجنبي والعمالة للأجنبي.
وأشار غازي إلى أن القواعد الدولية تقر عدم تدخل السفارات الأجنبية في الشئون الداخلية
للدول، أو الاتصال بغير القنوات الرسمية التي تحددها أي دولة للسفارات المتواجدة على
أرضها، وهذه قواعد مستقرة، لا يجوز بأي حال من الأحوال التعدي على ما تم إقراره في
هذا الشأن.
وأوضح المحامي فريد غازي انه عندما تقوم الجمعيات السياسية بالاتصال بالسفارات للتباحث
في الشأن البحريني الداخلي فان هذه مخالفة قانونية جسيمة تترتب عليها جزاءات قد تصل
إلى حد الخيانة العظمى، ومن باب أولى أن تحظر هذه التعاملات بهذا المستوى، وهو ما يحظره
القانون.
وأكد غازي أن السماح بالاتصال بالبعثات الأجنبية معناه السماح بالتدخل الأجنبي في الشأن
الداخلي للدول وهو ما يتعارض مع المبادئ المتعارف عليها.
في المقابل أبدت جمعية الإرادة والتغيير الوطنية تحفظها على القرار الأخير لوزير العدل،
مشيرة إلى أن هذا القرار يفرض المزيد من القيود على حرية العمل السياسي ويحول الجمعيات
السياسية، التي جاء تكوينها نتيجة الإرادة الحرة لمؤسسيها والمنتسبين إليها، لجهة تتلقى
تعليمات الوزارات المختلفة، مما يؤدي إلى التحكم بها والسيطرة عليها وتوجيهها وحرمانها
في المحصلة النهائية من ممارسة حقوقها المدنية والسياسية التي نص عليها دستور مملكة
البحرين وميثاق العمل الوطني، ونصت عليه المعاهدات الدولية والمواثيق ومنها؛ العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعا المكتب السياسي لجمعية الإرادة والتغيير الوطنية وزير العدل الشيخ خالد بن على
آل خليفة إلى التراجع فوراً عن هذا القرار السياسي غير المدروس، والمطعون في دستوريته
لعدم خضوعه للقنوات الدستورية عبر البرلمان، يضاف إلى ذلك أن أي قرار من هذا النوع
سيفتح الأبواب مشرعة للعمل السري غير المنضبط، وسيؤدي إلى تجريف وإفساد الحياة السياسية
وسينتقص - من ضمن عيوبه الجمة - من سلطة وزارة العدل التنسيقية والرقابية على عمل مع
الجمعيات السياسية، ليشرك فيه أطرافاً وجهات لا علاقة لها بشكل معقد وغير مبرر.
كما دعا المكتب السياسي في جمعية الإرادة والتغيير الوطنية وزير العدل إلى عدم التلويح
بأي قرارات مشابهة تمس العمل السياسي الحر، والذي كان أحد العناوين العريضة للمشروع
الإصلاحي لجلالة الملك، وعدم اتخاذ الوضع الأمني كذريعة لفرض واقع ينتقص من الحقوق
الإنسانية والمدنية والسياسية لأي مواطن مهما كانت توجهاته وأفكاره، والعمل بدل ذلك
على إخضاع كل من يثبت قيامه بعمل يضر بالأمن الوطني للسلطة القضائية تبعاً لقانون العقوبات
البحريني، الذي تضمن بنوده ردع المتجاوزين.
ودعا المكتب السياسي لجمعية الإرادة والتغيير الوطنية جميع المعنيين بالعمل السياسي
الوطني - المؤسسي أو الفردي- إلى أخذ موقف نزيه يرفض عملية (التدجين) السياسي المهينة،
التي ستحول الجمعيات السياسية من كيانات تستمد شرعيتها وقوتها من المؤمنين بأفكارها
ومبادئها إلى كيانات متسولة على أبواب الوزارات تحت شعار التنسيق مع هذه الجهة أو تلك،
ويتذكرون أننا لسنا مخيرين بين أمننا وحقوقنا فهناك فسحة لكليهما من دون تقديم تنازلات
باهظة لاسترضاء أي جهة، فتلك الأمم التي ضحت بحقوقها من أجل أمنها فقدتهما معاً.
من ناحيته أوضح الدكتور حسن العالي أمين عام التجمع القومي الديمقراطي أنهم داخل التجمع
يرفضون مبدأ قبول التواصل مع أي هيئة خارجية أو دبلوماسية أجنبية، مشيرا إلى أن هذا
المبدأ ينطلق من قناعتهم القومية بعدم إدخال أي جهة خارجية في القضايا الوطنية والأمور
الداخلية، مضيفا أن قرار وزير العدل يعتبر تعديل على قانون الجمعيات الذي نص على ضرورة
قيام الجمعيات السياسية بإبلاغ وزارة العدل بأي تواصل مع أي جهة خارجية، وانه تم إضافة
الهيئات الدبلوماسية في هذا القرار، لافتا إلى انه كان من المفترض أن يأتي هذا التعديل
من قبل السلطة التشريعية وليس فقط في صورة قرار من وزارة العدل.
وأوضح العالي أن السفارات والقنصليات الدولية هي التي تسعى للاتصال بالأشخاص والجمعيات
السياسية وبالتالي فكيف سيتم التحكم في هذا الأمر، مضيفا أن على هذا القرار ملاحظات
وتحفظات معينة من الناحية التطبيقية والسياسية والتشريعية، مشددا على رفضه مبدأ التواصل
سواء مع حزب خارجي أو هيئة دبلوماسية إلا من خلال الالتزام بمرجعية وطنية فقط للتواصل
العادي وألا يدخل أي طرف في شئوننا الداخلية أو يتم الاستعانة به في قضايانا الداخلية.

قانون رقم (26) لسنة 2005
بشأن الجمعيات السياسية
وزير العدل يستأنف لقاءاته مع
الجمعيات السياسية غدا
فعاليات سياسية ونيابية ترحب
بلقاء وزير العدل بالجمعيات اليوم
وزير العدل يستأنف لقاءاته مع
الجمعيات السياسية قريبا