البحرين-جريدة أخبار الخليج- الأحد ٢٤ مارس
٢٠١٣ م، الموافق ١٢ جمادى الأولى ١٤٣٤ هـ-العدد : ١٢٧٨٤
أين حكم القانون؟!
أنور عبدالرحمن
خلال زيارة قصيرة للندن في الاسبوع الماضي، التقيت عددا من اصدقائي ومعارفي
القدامى، وجرت بيننا نقاشات موسعة عن الأوضاع في البحرين. اثنان منهم سبق ان عملا
في البحرين فترة طويلة، ولذلك لديهما معرفة وافية بما يجري في البلاد، وعلى اطلاع
دائم بمجريات الحوار الجاري حاليا، والذي لم يتقدم خطوة واحدة الى الامام حتى الآن.
احد الصديقين تحدث عن المعارضين في البحرين، وقال ان هؤلاء الذين يدّعون الثورية ما
هم في حقيقة الأمر الا مجموعة مخربين لا يتورعون عن التدمير واشاعة الخراب.
احدهما حكى هذه الواقعة التاريخية. قال انه قبل الثورة البلشفية في روسيا، جرى حوار
بين سيرجي نيكاييف وجورجي بليخانوف. قال نيكاييف: ان من واجبنا ان ندمر كل شيء. علق
بليخانوف على كلامه متسائلا: وهل سنقوم باعادة بناء ما دمرناه بعد ذلك؟
وكان رد نيكايف صادما حين قال: ان من واجبنا ان ندمر، اما اعادة البناء، فليست
مهمتنا.
هذا الذي قاله صديقي البريطاني ينطبق حرفيا على ما يجري في البحرين اليوم. التدمير
وإلحاق الخراب بالبلاد يحدث عمليا أمام اعيننا وليس افتراضا نظريا.
يكفي ان نتأمل على سبيل المثال ما نشرته «أخبار الخليج» و«جلف ديلي نيوز» امس عمّا
حل بأصحاب المحال وبالممتلكات وبالمقيمين في شارع البديع.
كل اصحاب المحال أصيبت أعمالهم بالشلل التام، الممتلكات تدمر، المقيمون في الشارع
يعيشون في حالة رعب، وبعضهم اضطروا الى مغادرة منازلهم.
ما يحدث على هذا النحو هو بالطبع كارثة بالنسبة الى البحرين، لكنه بالنسبة الى
المعارضة يعتبر إنجازا هائلا ونجاحا باهرا لهم.
ان اقتصاد البلاد يدمّر امام اعيننا. من الذي يمكن ان يفكر في الاستثمار في البحرين
بعد ان يرى مشاهد الدمار كما لو أن البحرين اصبحت ساحة حرب؟
لكن المعارضين فخورون بهذا الدمار والخراب، والدليل على ذلك انه حتى هذه اللحظة لم
يصدر عنهم أي ادانة لكل هذا العنف والتخريب والتدمير. صمتهم هذا هو مباركة مباشرة
لهذا التخريب.
ولا بد ان نتساءل هنا : كيف يمكن لحوار وطني ان يجري ويحقق أي تقدم في ظل الغياب
الكامل لصوت العقل، وفي ظل هذا التدمير المنظم؟
ان الحوار يعني بداهة الأخذ والعطاء وتبادل الآراء ووجهات النظر بما يخدم المصلحة
العامة في النهاية، ولا يمكن ان يعني الفرض والاملاء بالقوة والعنف والاكراه.
لكن الحادث - كما قال احد أصدقائي البريطانيين - ان المعارضة اعلنت الحرب
الاقتصادية على البحرين.
صديقاي البريطانيان لهما رأي في كيفية التعامل مع هذا الوضع.
في رأيهما ان الحل ومعالجة هذا الوضع المؤلم لا يمكن ان يكون عبر الحوار، في رايهما
ان الأولوية المطلقة اليوم يجب ان تكون لتطبيق القانون تطبيقا حازما وصارما أيا كان
الثمن.
في رايهما انه ليس مقبولا ابدا أن يبقى مصير البحرين رهينة بيد مجموعة من رجال
الدين المتطرفين والمخربين المجرمين. والكل يجب ان يتأمل ما تشهده المنطقة، وما
يجري في دول مثل تونس ومصر وليبيا ولبنان وسوريا واليمن والعراق وايران حيث تبلغ
نسبة العاطلين الذين لا يجدون عملا اكثر من 40%. والوضع اسوأ من هذا بكثير في بلد
مثل سوريا.
كيف يمكن لاقتصاد البحرين ان يتعافى ويزدهر في ظل هذا الوضع؟.. كيف يمكن ان يتقدم
الاقتصاد في ظل كل هذا التخريب والتدمير المنظم؟.. ولنا ان نلاحظ ان هذا التدمير
يحدث في ظل انفجار في النمو السكاني الذي هو في حد ذاته عائق كبير امام النمو
الاقتصادي.
بعد ان تناقشنا في اوضاع البحرين على هذا النحو، تساءل صديقاي البريطانيان في دهشة
وذهول: «اين حكم القانون في البحرين؟.. لماذا تتردد السلطات المسئولة في البحرين في
تطبيق القانون بشكل حازم وصارم؟»
في رايهما ان حكومة البحرين تشغل نفسها كثيرا بمنظمات حقوق الانسان وما تقوله، في
الوقت الذي تقوم فيه اقلية من الغوغاء والمخربين باختطاف حقوق الاغلبية الصامتة في
البلاد. في رأيهما ان حقوق هذه الأغلبية الصامتة يجب ان تكون موضع الانشغال
والاهتمام الأول للحكومة.
صديقاي قالا ان هذه القضية لها اهمية مصيرية حاسمة. السبب ببساطة انه اذا وصل
المواطنون والمقيمون الذين يلتزمون بالقانون الى حد فقدان الأمل.. فما الذي سيبقى
بعد ذلك في هذه البلاد؟!
دستور مملكة البحرين
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات