البحرين-جريدة الوسط-الأحد 02 ديسمبر 2012م
الموافق 18 محرم 1434هـ -العدد 3739
التواجد الجماهيري
السلمي «من حقوق الإنسان»
ريم خليفة
في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2012 أصدرت وزارة
الداخلية قراراً إدارياً (مخالفاً لدستور وقانون البحرين ومخالفاً للعهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) بمنع المسيرات السلمية، وهو منع يشبه ما كانت
عليه البحرين في فترة «أمن الدولة».
لكن التواجد الجماهيري السلمي حق من حقوق الإنسان، والمنطقة العربية تمر بمرحلة
اختبار حقيقية لتثبيت هذا الحق.
لقد شاهدنا ما حدث في الكويت قبل يومين عندما خرج عشرات الآلاف في مسيرة لحث
الناخبين على مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي أجريت أمس والتي من غير المرجح أن
تخفف حدة التوتر في الدولة. ونقلت وكالات الأنباء كيف دعا سياسيون معارضون لهذه
المسيرة، وأن هؤلاء أعلنوا أنهم لن يخوضوا الانتخابات، وتحرك نشطاء نحو تنظيم
المسيرة للاحتجاج على تغيير قواعد التصويت التي يقولون إنها ستحول دفة الانتخابات
لصالح المرشحين الموالين للحكومة.
الأخبار تناقلت كيف ردد المتظاهرون هتافات تدعو إلى إسقاط المرسوم الذي تغيرت قواعد
التصويت بموجبه.
ونرى أن القوى الكويتية المعارضة (والداعين للمقاطعة) في الكويت لهم حلفاء في
البحرين، ولكن هؤلاء الحلفاء يقفون ضد المطالب المرفوعة في البحرين والتي تشبه
تماماً تلك المرفوعة في الكويت، ربما لأنهم يستفيدون من الترتيبات الحالية التي
تخالف حق الناس في التعبير عن رأيهم.
أمّا في مصر التي انتصرت في ربيعها العربي وجاءت بالرئيس محمد مرسي (الذي يشبه أي
شخص من عامة الشعب) ولكنه اتخذ قرارات مفاجئة لتحصين نفسه من المعارضين له، ربما
أنه لم يتوقع الحشد الكبير جدّاً قبل يومين عندما شارك المصريون في مظاهرات احتجاج
في القاهرة ومدن أخرى بعد ساعات من انتهاء الجمعية التأسيسية التي يغلب عليها أنصار
الرئيس مرسي من الموافقة على المسودة النهائية للدستور المصري الجديد الذي يعتبره
الناقدون بأنه ينتقص من الحريات العامة، وهتف المتظاهرون في ميدان التحرير بوسط
القاهرة «الشعب يريد إسقاط النظام» وهو نفس الهتاف الذي أسقط الرئيس السابق محمد
حسني مبارك وجاء بمحمد مرسي.
وفي ميدان التحرير ألقى المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب التيار الشعبي حمدين
صباحي، ورئيس حزب الدستور محمد البرادعي، خطباً تجاوب معها المتظاهرون بشكل كبير.
وقرر البرادعي وصباحي والمرشح الرئاسي السابق أيضاً عمرو موسى الاعتصام في التحرير
حتى تحقيق المطالب الأساسية والعودة إلى ما قبل الإعلان الدستوري والدخول في حوار
وطني جاد. ورد مرسي أن الإعلان الدستوري الذي أشعل أكبر أزمة سياسية في مصر منذ
انتخابه في يونيو/ حزيران هو «لمرحلة استثنائية جدّاً».
وفي الوقت ذاته تظاهر آلاف الأردنيين يوم الجمعة (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012)
وسط عمّان مطالبين بـ «إصلاح النظام» والتراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات، الذي
صعّد من وتيرة الاحتجاجات الشعبية منتصف الشهر الماضي. وحملت تظاهرة سلمية نظمتها
«الجبهة الوطنية للإصلاح» التي تضم الحركة الإسلامية ويقودها رئيس الوزراء السابق
ومدير المخابرات السابق أحمد عبيدات، عنوان «الانتفاضة الشعبية لأجل الإصلاح». كما
هتف عدد محدود في بداية التظاهرة «الشعب يريد إسقاط النظام» إلا أن عبيدات طالبهم
بالالتزام بشعار «إصلاح النظام». وقال عبيدات في كلمة ألقاها خلال التظاهرة إن
«الجبهة الوطنية للإصلاح لم تدعو إلى هذه المسيرة لاستعراض القوة ولا للمزايدات
(...) إننا هنا ندافع عن حقوقنا الدستورية وملتزمون بشعار الشعب يريد إصلاح
النظام»، وحث الحكومة على «الإصغاء إلى صوت العقل والتراجع عن قرارها برفع
الأسعار». وطالب عبيدات بـ «إصلاح شامل»، معتبراً أن «قانون الانتخاب الحالي فاقد
للشرعية الدستورية والشعبية (...) نؤكد رفضنا القاطع لأي انتخابات تجرى على أساس
هذا القانون الفاسد».
إن المنطقة العربية تمر بمخاضات تاريخية في هذه المرحلة، ونشهد تقلبات كثيرة، ولكن
الصحوة العربية الحالية تستمد قوتها من وعي المجتمعات لحقوقها الأساسية، وفي العيش
بكرامة وفي التعبير عن رأيها بسلمية، وفي المشاركة الفعلية في القرار السياسي، وإن
الحشد الجماهيري الذي أوصل مرسي لم يتوقف جامداً؛ لأن هذا الاحتشاد حق أساسي من
حقوق الإنسان لا يمكن أن يستهان بهذا الحق؛ لأن الشعب هو من يقول كلمته في النهاية
كما تكرره صفحات التاريخ الإنساني.
أمر
ملكي رقم (46) لسنة 2009 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان